معاك "سيديهاية"؟
ولأننى حضرت أيام"الميك أب"والاسطوانات على خفيف..وعشت أيام الكاسيت"البكرة"المحترم وطبعا الكاسيت العادى أبو شريط عادى الذى انتشر انتشارا مهولا فى مصر فى السبعينات.. مع الجواكت الجلد والمروحة.. هذا طبعا بعد أن أصبح(الفونوغراف،أبو بوق)أنتيكة وليس كائنا حيا..إن كنت حضرت هؤلاء الذين استعملوه كجهاز تسجيل وليس كقطعة ديكور.. وهذه هى كل معلوماتى عن الوسائل السمعية التى كنت من خلالها أسمع ما يطربنى أو ما يزعجنى إلى أن ظهر ذلك القرص الفضى الغريب والذى أطلقوا عليه ..سى دى.. يخرجونه بحرص من علبته..وله مسكة..وطريقة فى التعامل..قالوا إن صونه نقى..ومنذأن ظهر هذا السى دى لم أسمع صوت عدل..ولم أستطيع أن أمسكه ولا أن أسمعه هل لأنه "ديجيتال"فلا يسمعه ويستمتع به سوى شاب ديجيتال؟ ثم علمت بالصدفة من ابن واحد صاحبى كان جالسا على الكمبيوتر يحاول الدخول إلى موقع عمرو دياب ليسمع أغنيته الأخيرة..لابسا نفس الطاقية والأكمام وتسريحة الشعر..إن الشباب الأن لا يسمعون إلا السى ديهات..ولا يشاهدون الأفلام إلا على سى دى أو دى فى دى..نعم يا خويا؟!!ايه الثانية دى بأه..قال ساخرا من عمه العبيط الذى هو حضرتى..دى فى دى يا أونكل..ديجيتال.. وتذكرت تاريخى المنحط فى المشاهدة حيث كانت الصورة تتكعور أمام عينى فى سينما على بابا.. وعين البطل تبأه فى قفاه.. وتتحول الشاشة إلى أشكال هلامية غير مفهومة..ونحن صابرون فى صالة العرض نحاول أن نتفرج إلى أن ينفد صبر أحدنا فى السينما ويصرخ فى" المكنجى" اعدل..لم يكن فى هذا الوقت أى واحد ديجيتال يعيش على قيد الحياة.. كانت البطلة- نجمة الإغراء- إذا عرت ذراعا أو رجلا..تمتلىء السينما شباب كلهم مانيوال وكان فيلم البورنو جريمة أخلاقية كبيرة وأين هذا الفيلم وأين الفيديووأين المكان لا مؤاخذة؟!مشاكل وعقبات كبرى هيه كده بالساهل! !وكان الشباب الذى يسافر إلى الخارج..هو فاكهة القاعدة نجتمع عنده فى البيت- ليحكى لنا تلك الأهوال الخيالية عن النسوان اللى بره..وكيف أن هن اللاتى يعاكسن الشباب المصريين..منبهرات بفحولتنا المصرية..وهكذا كانت أفلامنا البورنو.. معظمها حكايات أورال..شفهية أو طق حنك يعنى.. وقد يختلى أحدنا بصديقنا العائد من غزوة الغرب هامسا فى خوف..ما جيبتش معاك حاجة؟ويتساءل صديقنا العائد فى خبث..حاجةايه؟ مع انه عارف ايه الحاجة..يرد الأول ببجاحة..مجلة..فيلم..أى منظر.نحن جيل تربى على أن نرى فى السينما- الزجاج ينكسر-أو القهوة تفور وتغلى..أو يرتطم الموج بالصخوروهذه الرموز البديعة تتحول فى رؤوسنا إلى دلالات..ومعان..لم يكن" الريموت"قد ظهر بعد.. فكانت الفرجة إجبارية..ما أعظم حقدى على أبناء الجيل الحالى..إنه يتفرج كيفما يشاء.. على ما يشاء..لا لا تنتقل عصابة الشلة بخطة موضوعه بدقة لمشاهدة فيلم بورنو فى بيت واحد باباة ومامته مسافرين.. وانما هو يضغط فقط على زرار..ليرى كل حاجة..لا قهوة تفور بأه..ولا قزاز ينكسر..ولأنهم عباقرة..فقد قاموا بفك الشفرات للقنوات المشفرة..وضربوا الكروت..عيال ديجيتال صحيح! !وقد ذهبت إلى صديقى هذا..ونادى على المحروس ابنه لكى يسلم على عمو..فقال الولد من الداخل.. حاضر يا بابا..أصلى باعمل تشات..فقلت لأبيه..سيبه يمكن مزنوق ولا حاجة يخلص براحته وييجى.. كنت أظنه فى الحمام! !.. وعلمت أن "التشيتنج" هذه طريقة فى الحوار بين الشباب على الكمبيوتر-وقد انتشر سى دى فى الفترة الأخيرة انتشارا مفزعا لراقصة ورجل أعمال..ودون أن نعلق على السى دى نفسه إلا أنه كان له جانب إيجابى وهو أن جعل كل بيت صار به جهاز كمبيوتر وهى نقلة حضارية لا شك فيها، وقد تخصص بعضهم فى نسخ السى ديهات وتوزيعها على الأصدقاء فى شكل هدية..مثل الفياجرا التى يدسها البعض فى يدك باسما وهو يقول امسك دى بس.. يالله نهارك أبيض.. وقد سمعت شابين كانا جالسين بجوارى فى أحد الأماكن..قال أحدهما للأخر..معاك سيديهايه..فأجاب الثانى ببساطة..واللهى أخر واحدةأخذها تامرمن نص ساعة ..وفهمت طبعا عن أى سيديهاية يتكلمان..ولما كنت الوحيد فى مصر الذى لم أشاهد السيديهاية إلى الأن..فقد تبرع الأصدقاء بأن يحكوها لى...أورال.. طق حنك برضه..ويبدو أن ابن صاحبى هذا أشفق على عمو بأن يكون الوحيد الذى حرم من مشاهدة السيديهاية..فأرسلها لى..ولما كنت لا أستطيع التعامل مع الكمبيوتر ولا السى دى ولا أى حاجة.. فلقد استعنت به على استحياء فى التليفون ليرشدنى كيف أتعامل مع الموقف..مؤكدا له أننى طبعا- لا أريد مشاهدة السيديهاية لسبب كده ولاكده وإنما لكى أعرف الحقيقة ..وأخيرا...وضعت السيديهاية و..تخيلوا ماذا رأيت..زجاج ينكسر..وقهوة تفور...وأمواج ترتطم بصخور..المتعوس متعوس ولو علقوا على ضهره سى دى .