عرضت الأمم المتحدة مساعدة مصر لاستعادة "الأموال المهربة والمجمدة" والمسؤولين والشخصيات الهاربة في الخارج.
وأشارت المنظمة إلى أن عرضها نابع من تفهمها للضغط الشعبي الذي يتهم الحكومة المصرية بالتقصير في استعادة الأموال والهاربين، وتفهمها للمشكلات التي تواجهها الحكومة في التعامل مع بعض الدول التي جمدت أصولا مصرية، والكم الهائل من القضايا في ملف استعادة الأموال.
وفي تصريحات لبي بي سي، قال حسين حسن، مدير مشروع مكافحة الفساد بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والفساد في الشرق الأوسط إن المنظمة الدولية "مستعدة لتقديم كافة المساعدات الفنية والخبرة اللازمة لتمكين مصر من استعادة الأموال المسروقة".
وأكد حسن إن مكتب المنظمة الدولية على استعداد أيضا "للتوسط بين مصر والدول التي تواجه صعوبة في التعامل معها في ملف استعادة الأموال المجمدة في هذه الدول".
وأضاف "لو طلب منا الوساطة أو التدخل سوف نستجيب فورا".
ترحيب مصري
وأكد مسؤول المنظمة الدولية "نملك بالتأكيد الخبرة القانونية والفنية التي تمكننا سواء من التوسط لدى الدول الأخرى أو مساعدة مصر في استعادة أموالها المنهوبة".
ومن ناحيتها، رحبت وزارة العدل المصرية بعرض الأمم المتحدة.
وقال المستشار عاصم الجوهري، مساعد وزير العدل المصري لشؤون جهاز الكسب غير المشروع رئيس اللجنة القضائية لاستعادة الأموال المصرية في الخارج لبي بي سي، "ليس هناك ما يمنع على الإطلاق من الاستعانة بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والفساد في التعامل مع بعض الدول".
وقال الجوهري إن وزارة العدل "لن تترك أي وسيلة مفيدة دون أن يلجأ إليها لاستعادة الأموال المنهوبة والمجمدة في الخارج".
ووصف هذه الأموال بأنها "حق للأجيال المصرية القادمة وليس الجيل الحالي فقط، ولا يملك أحد التفريط فيها".
"مليارات مهربة"
ويذكر أن مكتب الأمم المتحدة نظم ورشة عمل في القاهرة لبحث السبل الممكنة لمساعدة السلطات المصرية على استعادة الأموال المجمدة و"المهربة" في الخارج.
وشارك في الورشة ، التي اختتمت جلسات استمرت ثلاثة أيام مساء الخميس، خبراء ومسؤولون في أجهزة القضاء والشرطة من ست دول ، تعتقد مصر أن بحوزتها مليارات الدولارات من أموالها " المنهوبة " خلال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وشارك في الورشة ، التي مول الاتحاد الأوروبي تكاليف تنظيمها ، 36 ممثلا من فرنسا وإسبانيا وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة وجزرغورينسي(الواقعة في القنال الانجليزي شمال غربي أوروبا).
وعقدت ورشة العمل تحت عنوان" المساعدة القانونية المتبادلة ، وتسليم المطلوبين والتعاون الدولي لاستعادة أموال مصر المسروقة".
اجتماعات سرية
وعلمت بي بي سي أن مسؤولي وزارة العدل المصرية عقدوا اجتماعات ثنائية سرية مع نظرائهم من بريطانيا وإسبانيا، على هامش الورشة، لبحث المشكلات التي تعرقل استعادة مصر الاموال المجمدة في البلدين وتسلمها شخصيات هاربة إليهما.
وكانت مصر قد شكت مما وصفته بعدم تعاون وزارة الخزانة (المالية) البريطانية لاستعادة أصول مصرية بقيمة 85 مليون جنيه استرليني لدى الوزارة. ورفعت مصر دعوى قضائية على الوزارة البريطانية في لندن "لاستصدار قرار قضائي يجبرها على التعاون بتقديم المعلومات للحكومة المصرية".
ويذكر أن مصر تطالب بريطانيا أيضا بتسليمها وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالي المحكوم عليه بالسجن 30 سنة في قضايا فساد.
كما تسعى مصر لاستعادة رجل الأعمال الشهير حسين سالم، احد اصدقاء مبارك، المطلوب في قضايا فساد في مصر.
وكانت السلطات الإسبانية قد جمدت 70مليون يورو مسجلة باسم سالم وابنه وابنته اللذين تطالب مصر بتسلمهما أيضا.
وقال مسؤول قضائي مصري إن ورشة العمل الدولية أسهمت في زيادة وعي السلطات المصرية بطبيعة الأنظمة القضائية في الدول الست المشاركة بما يساعد في حل المشكلات التي تعرقل مساعي مصر الى استعادة الأموال من هذه الدول.
وأضاف أن المصريين تمكنوا أيضا من عرض بعض المشكلات التي تواجههم مع بعض الدول وأهمية قضية استعادة الأموال ضمن أولويات الحكومة المصرية.
ضغط شعبي
وأشار حسن إلى أن الورشة "وفرت لمصر الكثير من الوقت والأموال اللازمة للتعامل مع كل دولة على حدة، وذلك بان جمعت هذا العدد من الخبراء والمسؤولين المعنيين بالملف في الدول الست التي توجد فيها أموال مصرية مسروقة".
وتقول الأمم المتحدة إن أهمية هذه الورشة "تستند إلى حقيقة أن السلطات المصرية المكلفة بمهة استعادة الأموال المسروقة تتعرض لضغط شعبي هائل لاستعادة هذه الأموال، بينما تواجه هذه السلطات في الوقت نفسه مشكلات في التعامل مع الدول المطالبة باسترداد الأموال".
وأضاف حسن ان مكتب الأمم المتحدة سيواصل مشروعا مهما بعنوان" إجراءات الدعم لمكافحة الفساد وغسل الأموال وللمساعدة في استعادة الأموال في مصر".