اختفت فاطمة ابنة السبع أعوام يوم أمس عن أنظار والدتها لمدة ثلاث ساعات، الأمر الذي جعل أفراد الأسرة في حالة طوارئ، وعندما شرع والدها في تبليغ الشرطة بخبر اختفاء الطفلة، ظهرت فاطمة وهي تضحك وتقول لهم إن اختفاءها كان دعابة بمناسبة «الأول من أبريل (نيسان)».
ولكن للأسف، لم تعلم فاطمة وأخواتها اللاتي لا تتجاوز أعمارهن الـ15 عاما أن خبرا كهذا كان السبب في تعرض والدتهن لأزمة قلبية جراء الصدمة والخوف على ابنتها ذات السبعة أعوام.
وبينت وفاء الأخت الكبرى لفاطمة أنهم لم يتوقعوا أن يصل أمر كذبة أبريل إلى هذا الحد، وقالت لـ«الشرق الأوسط» غالبا ما أسمع قصصا من صديقاتي في المدرسة عن استعدادهم لتحضير «كذبة بيضاء» وإطلاقها في هذا اليوم، وأضافت: اتفقت أنا وإخوتي في يوم الأول من أبريل أن نخبئ أختنا الصغيرة فاطمة وندعي أنها اختُطفت، ولم نكن نعلم أن هذه الكذبة سوف تعرض الوالدة إلى أزمة قلبية.
وقد انتشرت ظاهرة كذبة أبريل في السعودية بين فئة الشباب بشكل كبير خاصة بين طلاب وطالبات المدارس والجامعات، لا سيما عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي استقبلت أعداد كبيرة من الإشاعات والكذبات يوم أمس.
وبين علي بن رجب، طالب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن كذبة أبريل من السلبيات المزعجة التي انتشرت بين الشباب بشكل كبير، وقال: «تفاجأت اليوم بأحد أصدقائي عبر صفحات (فيس بوك) أنه أطلق خبر خطوبته على إحدى الفتيات، الأمر الذي فاجأني وكنت على وشك أن أبارك له ولكن عرفت بعد ذلك أنها كذبة أبريل».
ولفت بن رجب إلى حملة بعنوان «يوم الصدق العالمي» تنطلق كل عام في 1 أبريل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تتمحور فكرة يوم الصدق العالمي التي أُطلقت منذ ما يقارب عام حول تغيير فكرة كذبة أبريل لنشر فكرة أخرى وهي يوم الصدق».
مشيرا إلى أهمية يوم الصدق العالمي بدلا من يوم الكذب لا سيما أن الكذب، حتى وإن كان بهدف التسلية، أمر غير مرغوب فيه، وقال: «يجب أن نعمل على توعية الشباب بأن الكذب لا يمثلنا ولا يمثل ديننا، فالصدق هو أساس أخلاق المسلم، حتى لا يتعود الشخص على الكذب، خاصة أن هذه الصفة التي تبدأ معه انطلاقا من هذا اليوم قد تستمر.
وكانت أجهزة «بلاك بيري» من أكثر الأجهزة المروجة للكذب والأقاويل يوم أمس (الأول من أبريل)، حيث كثرت رسائل البرود كاست التي نشرت الإشاعات على نطاق واسع، وقد تفنن الفتيات والشباب في ترويجها ونشرها ومن ثم تتبع بمسج يبين أنها كذبة أبريل.
وأشار خالد حمد، أحد الموظفين، إلى مدى انزعاجه يوم أمس من كثرة الرسائل التي توافدت عبر جهاز «بلاك بيري»، لدرجة أنه اضطر لإغلاقه طيلة يوم أمس، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يصلني في السابق هذا الكم من الرسائل، وفي البداية كنت أصدق بعضا من هذه الرسائل، ولكن اكتشفت مؤخرا أنها كذبة أبريل».
وبين خالد استياءه من هذا النوع من المزح، ووصفه بالمزعج جدا لا سيما أن هناك أمورا لا يجوز أن يمزح بها الشخص، وقال: «لذا قررت أن أغلق جوالي كما أنني عمدت إلى حذف بعض الأصدقاء، حيث إنه كاد يتسبب في مشكلة بيني وبين صديق آخر».
ويطلق بعض الشباب والفتيات على كذبة أبريل «الكذب الأبيض» حتى تصبح مشروعة بالنسبة لهم، بهدف الفكاهة والتسلية، إلا أنها قد تتحول إلى مشكلة حقيقية لا سيما إذا بالغ البعض في الكذب.
إلى ذلك أطلقت مجموعة «بينج جدة» التطوعية حملة بعنوان: «أنا مسلم، أنا لا أكذب»، بهدف محاربة الكذب حتى وإن كان ليوم واحد، إضافة إلى التحذير من اتباع مثل هذه البدع، مبينين حقيقة هذه الكذبة وتاريخها.
وقال علي أحد أعضاء هذه المجموعة التطوعية أن الجميع يعلم أن 1 أبريل يعتبر عند غير المسلمين هو يوم الكذب العالمي وهو اليوم الذي يقوم فيه الكثير بإصدار شائعات كاذبة للعالم احتفالا بهذا اليوم.
وأضاف: «فريق جدة بينج» التطوعي قام بإعداد حملة ضد هذه الكذبة والاعتقاد السائد تحت شعار «أنا مسلم، أنا لا أكذب» بهدف نشر صفات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في تحريم الكذب من خلال عدة محاور نناقشها أهمها تعريف الكذب، كما ستتناول الحملة معرفة ما هو الكذب الجائز، ومن ثم نتطرق لتعريف كذبة أبريل وسبب تسميتها.
