علمت «الشرق الأوسط» أن القاهرة استضافت مؤخرا عدة اجتماعات سرية بين ممثلين عن المجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة حاليا في ليبيا وبعض رموز وكبار مسؤولي نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بهدف استئناف الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية. وطبقا لمعلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر ليبية ومصرية رفيعة المستوى، فقد التقى الشيخ على الصلابي أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين الليبية مع علي الأحول مسؤول مؤتمر القبائل الليبية، وعبد الله بزين أحد أعيان العاصمة الليبية طرابلس، وأحمد قذاف الدم ابن عم القذافي والمنسق السابق للعلاقات المصرية - الليبية.
وقال مسؤول ليبي على صلة بهذه الاجتماعات لـ«الشرق الأوسط» إن الصلابي التقى هذه الشخصيات الثلاثة في أحد فنادق القاهرة مرتين على الأقل برعاية مصرية. وهذه هي أول مرة على الإطلاق يشارك فيها مسؤولون مصريون في مساع لتحقيق المصالحة الوطنية ولم الشمل في ليبيا قبل الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها قبل نهاية الشهر المقبل. وامتنع المسؤول ذاته عن كشف فحوى هذه المحادثات، لكنه لفت في المقابل إلى أنها حققت نتائج إيجابية بشكل مبدئي في انتظار استئناف الحوار مجددا خلال الأسابيع القليلة المقبلة بهدف «إنقاذ ليبيا من الانقسام والتفتت وتغليب وجهة النظر الداعية إلى مصالحة وطنية حقيقية لا تستثنى أي تيار أو قبيلة في البلاد». ولم يتضح بعد على أي أساس ستتم عملية المصالحة الوطنية في ليبيا في ظل غياب مبادرة حقيقية مكتملة، علما بأن بعض من التقى بهم المبعوث الليبي في القاهرة مطلوبون للعدالة الليبية ومتهمون بسرقة أموال ومحاولة إجهاض الثورة الشعبية في ليبيا.
وطبقا لمعلومات «الشرق الأوسط»، فقد غادر الصلابي القاهرة أمس عائدا إلى طرابلس بعد زيارة سرية لبضعة أيام التقى خلالها مع رموز النظام السابق بصفته مبعوثا من المجلس الانتقالي. وكان الصلابي قد انخرط قبل نهاية العام الماضي في مفاوضات مماثلة مع مسؤولين سابقين ومحسوبين على نظام القذافي، لكن هذه المفاوضات توقفت بشكل مفاجئ قبل أن يتحرك المجلس الانتقالي ليطالب السلطات المصرية بتسليمه أتباع القذافي الموجودين على أراضيها.
ولم يعلن المجلس الانتقالي رسميا حتى الآن عن رغبته في الدخول في حوار غير معلن مع رموز النظام السابق، لكن رئيسه المستشار مصطفى عبد الجليل أعلن أكثر من مرة أن من أخطأ في حق الشعب الليبي وثورته الشعبية التي اندلعت ضد القذافي في فبراير (شباط) 2011، يجب أن يحاكم على ما ارتكبه من جرائم، متعهدا بإتاحة الفرصة لهؤلاء للحصول على محاكمات عادلة ونزيهة.
إلى ذلك، حذر عبد الجليل من أن مستقبل العلاقات مع موريتانيا مرهون بتسليم عبد الله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، المعتقل لديها منذ مارس (آذار) الماضي.
ودعا عبد الجليل خلال مراسم أداء أعضاء المجلس المحلي المنتخبين لمدينة بنغازي اليمين القانونية بالعاصمة طرابلس، الحكومة والمعارضة والشعب الموريتاني إلى أن يدفعوا باتجاه تسليم السنوسي بعد أن تجري محاكمته على التهم المحلية المسندة إليه. ونقلت وكالة الأنباء الليبية الحكومية عن عبد الجليل قوله إنه يأمل في أن يقدر الشعب والحكومة الموريتانية مشاعر الليبيين تجاه هذا المتهم لأنه كان وراء كل المآسي وعلى رأسها مذبحة سجن بوسليم في طرابلس عام 1996، التي قتل فيها أكثر من 1200 سجين، معتبرا أن الأدلة والشهادات تشير إلى أن السنوسي هو من نفذها.
وقال عبد الجليل: «نحن نتطلع لأن تكون الحكومة والشعب والمعارضة الموريتانية على مستوى تأسيس علاقة قوية مع الشعب الليبي في المستقبل، لأن أساس العلاقة بين الدولتين هي علاقة الشعوب، وما قد يتخذه الإخوة في موريتانيا من قرار تجاه السنوسي سيكون أساسا لعلاقات مستقبلية بين ليبيا وموريتانيا».