تبدأ مصر اليوم رحلتها نحو انتخاب أول رئيس جمهورية بعد ثورة 25 يناير، حيث يتم رسميا الإعلان عن تلقي طلبات الترشيح لهذا المنصب الرفيع الذي خلا بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك في الحادي عشر من فبراير (شباط) من العام الماضي، ومن المقرر أن تجري عملية التصويت يومي 23 و24 مايو (أيار) المقبل.
وقد ساد أمس جدل كبير حول عدد من الشخصيات العامة المرشحة لهذا المنصب وموقف القوى السياسية والحزبية منها، وذلك قبل أن يعلن منصور حسن رئيس المجلس الاستشاري المعاون للمجلس العسكري الحاكم رسميا انضمامه للسباق الرئاسي، بينما تأكد أن البرلماني أبو العز الحريري أول مرشح حزبي بعد أن سماه حزب التحالف الشعبي مرشحا رسميا له، ويذكر ان عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية من بين المرشحين. أما جماعة الإخوان المسلمين فما زالت على موقفها «المعلق» حتى غلق باب الترشيح في الثامن من أبريل (نيسان) المقبل.
وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» قال منصور حسن الذي شغل مناصب وزارية هامة خلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات: «قررت الترشح وهناك قوى تدعمني لن أكشف عنها في الوقت الراهن.. وهي قوى داخل البرلمان وخارجه». ورفض حسن الإفصاح عما إذا كان ينوي جمع 30 ألف توقيع من مؤيديه أم أنه سوف يلجأ لتأييد 30 برلماني (يكفي أي من الطريقين لقبول أوراق الترشيح، أو تسمية حزب يملك مقعدا منتخبا واحدا على الأقل في البرلمان بغرفتيه، بحسب نص الإعلان الدستوري المعمول به حاليا).
وأعلن أمس حزب التحالف الشعبي أن النائب أبو العز الحريري هو مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة، وقال القيادي في الحزب عبد الغفار شكر لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري «لن يكون ممثلا للحزب أو لليسار المصري فقط إنما سيبني حملته الرئاسية باعتباره مرشحا شعبيا.. نحن فقط نمنحه جواز المرور».
واعلن في وقت متأخر من مساء امس عن تأييد حزب الوفد لمنصور حسن.
وقبل الاعلان، كانت هناك تكهنات حول امكانية دعم حزب الوفد لموسى، الذي علق لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لن نتحدث قبل قرار الهيئة العليا للوفد».
ويشترط الإعلان الدستوري المعمول به حاليا فيمن يُنتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجا من غير مصري، وألا تقل سنه عن أربعين سنة.
ويرى مراقبون أن منصور حسن قد يكون مرشحا توافقيا يلقى قبولا لدى القوى الإسلامية في مصر وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، لكن المتحدث الرسمي باسم الإخوان الدكتور محمود غزلان قال لـ«الشرق الأوسط» إن «إعلان منصور حسن للرئاسة لن يغير موقفنا ولن نعلن دعمنا لأي مرشح قبل إغلاق باب الترشيح».
وفي ظل رغبة معظم المرشحين في أن يخوضوا المنافسة كـ«مرشحين شعبيين» بحصولهم على 30 ألف توقيع من المواطنين، استبعد مراقبون أن يتقدم أي من المرشحين المحتملين بأوراق ترشيحهم خلال الأيام الأولى من فتح باب الترشيح الذي يغلق يوم الأحد 8 أبريل (نيسان) المقبل.
ويقتصر يوم 9 أبريل على تلقي أوراق مرشحي الأحزاب التي تملك مقعدا واحدا على الأقل في البرلمان المصري بأي من غرفتيه (الشعب والشورى). وأعلن أمس حزب التحالف الشعبي (اليساري) أن النائب أبو العز الحريري هو مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية.
وتشرف لجنة قضائية على الانتخابات الرئاسية. وحددت اللجنة برنامجا زمنيا تنطلق فيه حملات دعاية المرشحين من يوم الاثنين 30 أبريل (نيسان). ويدلي المصريون في الخارج بأصواتهم في الانتخابات بين يومي 11 و17 مايو (أيار) المقبل.
ومن المقرر أن يتم إعلان نتيجة الجولة الأولى يوم الثلاثاء 29 مايو، ويلزم المرشح الحصول على أغلبية مطلقة لحسم الانتخابات، التي تجرى الإعادة فيها يومي 16 و17 يونيو (حزيران)، ما لم تحسم نتيجة الانتخابات في الجولة الأولى على أن يتم إعلان النتيجة النهائية يوم 21 من الشهر نفسه.
ورغم مغادرة قطار السياسة المصرية المحطة الأخيرة في المرحلة الانتقالية، بالإعلان عن بدء سباق الانتخابات الرئاسية، لا يزال من غير المعلوم طبيعة اختصاصات هذا الرئيس المنتظر، حيث يعكف البرلمان المصري على اختيار جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد للبلاد، لكن المؤشرات الأولية لمواقف القوى الرئيسية تشير إلى أن النظام السياسي الجديد سيجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني.
إلى ذلك أكد رئيس اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات الرئاسة، المستشار فاروق سلطان في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أمس، عقب انتهاء اجتماع اللجنة، أن أعضاء اللجنة القضائية راجعوا الجدول الزمني والإجراءات التي تم تحديدها والاستعدادات الخاصة بتنفيذ تلك الإجراءات، مشيرا إلى أن اللجنة ستطرح اعتبارا من اليوم (الخميس) وحتى غدا الجمعة النماذج الخاصة بترشيح المرشحين وتوكيلات الناخبين لهم.
وفيما يتعلق بشكوى بعض المرشحين المستقلين من قصر الفترة الزمنية الخاصة بجمع التوكيلات (30 ألف توكيل من 15 محافظة على الأقل) قال سلطان إن اللجنة مقيدة بفترة زمنية ضيقة ومحددة حيث يجب انتهاء انتخابات الرئاسة وإعلان الرئيس المنتخب قبل نهاية شهر يونيو، حيث موعد إنهاء الفترة الانتقالية وتسليم السلطة من المجلس العسكري لرئيس مدني.
وبخصوص تأمين الانتخابات والمرشحين فيها، قال رئيس لجنة انتخابات الرئاسة إنه لا علاقة للجنة العليا بهذا الأمر لأنهم ليسوا جهة أمن، ولكن اللجنة تنسق مع الأجهزة المعنية لتأمين مقار الانتخابات وصناديق الاقتراع في حدود القانون.
وأكد سلطان أن لجنة انتخابات الرئاسة تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين في الانتخابات ولا تنحاز لطرف على حساب آخر لأنهم يطبقون القانون كجهة محايدة فقط.