تل تسعة أشخاص على الاقل في اليوم الثاني من الاحتجاجات التي تشهدها أفغانستان ضد حرق قس اميركي انجيلي مغمور يدعى تيري جونز نسخة من القرآن الكريم، والتي اسفر يومها الاول اليوم عن مقتل سبعة موظفين اجانب، هم اربعة نيباليين وسويدي ونروجية وروماني، لدى اقتحام مكتب الأمم المتحدة في مدينة مزار الشريف (شمال)، ما شكل اخطر اعتداء على المنظمة الدولية في افغانستان منذ اطاحة نظام «طالبان» نهاية العام 2001. تزامن ذلك مع مهاجمة انتحاريين قاعدة للحلف الاطلسي (ناتو) في العاصمة كابول، ما ادى الى مقتلهم واصابة ثلاثة عسكريين بجروح طفيفة.
واعلن عبد القيوم بخلا المسؤول في قطاع الصحة بولاية قندهار (جنوب) التي تعتبر احد معاقل حركة «طالبان»، ان بعض الجثث تؤكد تعرض أصحابها لضرب ورجم بحجارة. واشار الى جرح اكثر من 81 شخصاً آخرين في العنف الذي شمل حرق اطارات سيارات وتحطيم نوافذ مبانٍ حكومية ومنازل، ومهاجمة صحافيين بينهم مصور ضربه المحتجون على رأسه قبل ان يقتلوه. ودفع ذلك الشرطة الى منع صحافيين آخرين من الاقتراب من الحشد الذي ضم حوالى الف شخص رددوا هتافات بينها «الموت لأميركا»، و»الموت لكرزاي» الرئيس الافغاني، و»اهانوا قرآننا». واطلق رجالها النار في الهواء لمنع المتظاهرين من التوجه الى مكاتب الامم المتحدة وحكومة الولاية، واعتقلوا 16 من مثيري الشغب بينهم 7 مسلحين.
وأكد زلماي أيوبي الناطق باسم حاكم قندهار تنظيم «طالبان» الاحتجاجات العنيفة بذريعة حرق المصحف، بعدما حدت حملة عسكرية ضخمة قادها الحلف الاطلسي خلال الشهور الاخير نفوذ الحركة في قندهار.
واتهم ايوبي المتمردين بمحاولة احداث حال من الفراغ الأمني من الولاية، علماً ان «طالبان» كانت نفت اضطلاعها بأي دور في الهجوم الذي استهدف مكتب الامم المتحدة في مزار الشريف الهادئة نسبياً اول من امس، على رغم اعلان حاكم الاقليم ومسؤول كبير بالأمم المتحدة ان متظاهرين كثيرين هاجموا مكتب الامم المتحدة كانوا مسلحين.
وفيما دان الرئيس الاميركي باراك اوباما «بأشد العبارات» الهجوم على مكتب الامم المتحدة في مزار الشريف، داعياً كل الاطراف الى «الهدوء، ورفض العنف وتسوية خلافاتها بالحوار»، دعا مجلس الامن الحكومة الافغانية الى توفير حماية افضل لموظفي الامم المتحدة، وسوق المسؤولين عن الهجوم) امام العدالة.
وفي اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قدم الرئيس الافغاني حميد كارزاي تعازيه بضحايا الهجوم «الوحشي»، مؤكداً تصميم حكومته على اجراء تحقيق معمق، واحالة المسؤولين عن الاعتداء على القضاء. واعلن الناطق باسم وزارة الداخلية الافغانية زمراي بشاري اعتقال 30 مشبوهاً بصلتهم بأعمال العنف في مزار الشريف.
القس جونز
وفي كلمة ألقاها أمام جماعته الانجيلية «دوف وورلد آوتريتش سنتر» التي تضم 30 شخصاً وتتخذ من غينسفيل بولاية فلوريدا مقراً لها، دعا القس الأميركي جونز الى تحرك «فوري» للولايات المتحدة والامم المتحدة ضد مرتكبي اعمال العنف في افغانستان، وقال: «حان الوقت لمحاسبة الاسلام الذي ليس دين سلام». وأبدى صدمته لمقتل الموظفين السبعة، «لكننا لسنا مسؤولين عن الأمر، بل العنصر المتشدد في الاسلام الذي نتمنى ان تقف الولايات المتحدة والامم المتحدة» في وجهه». وزاد: «حان الوقت للكف عن تجاهل العنف الذي يجتاح دولاً اسلامية مثل باكستان وافغانستان».
واشار الى ان «الدول التي يهيمن عليها المسلمون، لا يجب ان يسمح لها بنشر الكراهية ضد المسلمين والاقليات، ومن الضروري تعديل قوانينها للسماح بالحريات والحقوق الفردية، مثل حق العبادة وحرية التعبير، والتحرك بحرية من دون خوف من التعرض لاعتداء او للقتل». وأكد عدم نيته حرق المصحف مجدداً، وقال: «ليس من مشاريعنا التجول في الولايات المتحدة لحرق مصاحف».
على صعيد آخر، هاجم مسلحون تنكروا في زي البرقع الخاص بالنساء قاعدة معسكر «فينيكس» التابع للحلف الاطلسي قرب مطار كابول، من دون ان يتسبب ذلك الا في جرح ثلاثة جنود، على رغم نجاح انتحاريين من ثلاثة في تفجير نفسيهما عند باب القاعدة. وتبنى الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد مسؤولية الحركة عن الهجوم، معلناً ان سبعة انتحاريين نفذوه ما أسفر عن مقتل اميركيين كثيرين، علماً ان القاعدة تعرضت للهجوم الاخير نهاية العام 2009 حين اصيب تسعة من جنود «الاطلسي» في انفجار سيارة مفخخة.