"غزو" أجنبي للبورصة المصرية يثير مخاو
ف السيطرة على شركات استراتيجية
أثارت تعاملات البورصة المصرية خلال الجلسات الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في أحجام وقيم تداولات المستثمرين الأجانب، الأمر الذي أوجد حالة من القلق لدى الأوساط العاملة في السوق المصرية، خاصة في ظل قوة حركة الأجانب في اتجاهي الشراء والبيع، وهو أمر ملفت للنظر بحسب الخبراء.
وفي جلسة أمس استحوذت تعاملات المستثمرين الأجانب على 63.4% من إجمالي تداولات السوق، وبقيمة تخطت المليار جنيه (نحو 200 مليون دولار)، منها حوالي 560 مليون جنيه في صورة مشتريات، والباقي مبيعات.
ويأتي تخوف الخبراء من جهة قيام مؤسسات أجنبية بالاستحواذ على حصص حاكمة في رؤوس أموال شركات حيوية واستراتيجية مدرجة في البورصة المصرية بأبخس الأثمان، في ظل رخص أسعار أسهم هذه الشركات.
الصناديق الأجنبية
وقال رئيس البورصة محمد عبدالسلام إن ملكيات الصناديق الأجنبية وهياكل ملكية الشركات هو أمر ليس متاحاً بشكل عام، وإنما يحكمه قانون سرية الحسابات، ومتاح لدينا نحو 95% من هيكل ملكية تلك المؤسسات.
وكشف عبدالسلام عن تكويد 29 صندوقاً ومؤسسة مالية جديدة خلال الأيام السابقة لاستئناف التداولات بالبورصة يوم 23 مارس/ آذار الجاري، لافتاً إلى أن هذه الصناديق تشمل 8 صناديق من أمريكا الشمالية، و13 من أوروبا، و8 من الدول العربية.
وأشار إلى أن هذه الأكواد تشمل كذلك مؤسسات مالية كما تم تكويد عدد 6100 مستثمر أجنبي من الأفراد خلال ذات الفترة، موضحاً أن هناك بعض صناديق "الأفشور" التي لم تلتزم بالإعلان عن هياكل ملكيتها وهي ما تم التحفظ على أرصدتها في السوق لحين الإفصاح عن هياكلها.
ويرى العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار محسن عادل أن القوة الشراء الحقيقة حالياً تأني من المؤسسات المالية المحلية والأجنبية وهو أمر لم يكن أشد المتفائلين يتوقعه خلال الفترة الأولى مما يعني ان الفترة المقبلة قد تشهد تحولات أكثر عمقاً بالنسبة لوضع السيولة داخل البورصة.
وأشار لـ"العربية.نت" إلى أن تداولات المؤسسات كانت لافتة للنظر بصورة كبيرة حيث تجاوزت قيمتها في بعض الأيام حاجز الـ80% وهو أمر غير معتاد خاصة وأن تداولات المؤسسات في البورصة المصرية عادة ما كانت تدور حول مستوي يترواح بين 30 و 40% و ليس أكثر.
وأضاف محسن "يلاحظ عدم تركز التداولات المؤسسية في مؤسسات محلية، لكن ظهرت مؤسسات عربية و صناديق استثمار تتعامل لأول مرة في السوق المصرية بال4إضافة إلى أن السيولة التي ظهرت من هذة المؤسسات كانت متوسطة وطويلة الأجل".
ويؤكد أن الإفصاح الكامل عن صناديق الأفشور أصبح ضرورة ملحة لحماية البورصة بعدما أصبحت وسيلة لتهديد السوق من خلال تزايد عدد المستثمرين المصريين فيها بأكواد أجنبية.
وطالب عادل بضرورى وضع إجابة محددة عن سؤالين هامين في الوقت الراهن الأول ما هى نسبة رأس المال الأجنبى والعربى فى رؤوس أموال الشركات المقيدة بالبورصة المصرية، وكم تمثل هذه النسبة قياساً بحجم أسهم التداول الحر.
أما السؤال الثانى وهو الأكثر عمقاً: هل تعريف المستثمر الأجنبى فى السوق المصرية هو أنه المستثمر غير حامل الجنسية المصرية، أو إحدى الجنسيات العربية وهو ما يعنى أن كل الصناديق المصرية المؤسسة برؤوس أموال مصرية ويديرها مديرو استثمار مصريون ويمتلك أغلب رؤوس أموالها مصريون ومؤسسة كصناديق أفشور فى دول أجنبية ستعامل كاستثمارات أجنبية؟.
مبيعات وهمية
ويري الصحفي المختص في أسواق المال راضي عبدالباري أن تعاملات المستثمرين الأجانب ظهرت بصورة قوية في الجلسات القليلة في اتجاهي الشراء والبيع، وهذا بحسب رأيه ليس أمراً معتاداً على أسلوب عمل الأجانب في السوق المصرية، الأمر الذي يدعو إلى القلق، حيث غالباً ما يكون إتجاه الأجانب واحداً، وليس في إتجاهين متضادين.
وبشأن تفسيرة لهذه الظاهرة يقول عبدالباري "أعتقد أن المشتريات هي من مستثمرين أجانب حقيقيين، أما عمليات البيع فهي تأتي من قبل مسؤولين مصرين سابقين، يقومون ببيع أسهمهم من خلال صناديق الـ"أفشور" خوفاً من دخولهم تحت طائلة قرارات تجميد الأسهم".
ويتوقع راضي أن تتخذ السوق المصرية اتجاهاً صعودياً خلال الفترة المقبلة، مدعومة بإقبال المستثمرين العرب والأجانب على الشراء، إضافة إلى الدعم الملحوظ من قبل المتعاملين المصريين.
ويبدي راضي تخوفه من سيطرة الأجانب على قطاعات حيوية واستراتيجية في البورصة المصرية منها شركات الأسمدة، خاصة في ظل انشغال الحكومة بالأوضاع السياسية.
من جهته، يرى عويس أحمد كبير السماسرة لدى شركة نيوبرنت للوساطة أن بوادر القلق بدأت تساور المتعاملين في البورصة المصرية من الأجانب خلال الجلسات الماضية.
وأوضح أن معظم التوقعات كانت تصب في أن هناك موجة بيع قوية من قبل الأجانب، وهذا ما يحدث بالفعل، إلا أنه هذه الموجة قابلتها قوة شرائية من قبل مؤسسات أجنبية، مما يثير تساؤلات عن هدف دخول تلك المؤسسات إلى السوق المصرية خلال الفترة الحالية.
وأضاف عويس "أخشى أن يسيطر الأجانب على حصص مؤثرة في عدد من الشركات المدرجة بالبورصة المصرية مستقبلا، مما قد يشكل ضغوطا سياسية على الحكومة المصرية فيما بعد".